الإضطرابات النفسية ( مقدمة + القلق النفسي )









"  أكثر ما يتعس المريض النفسي ألا يقدِّر معاناته أحد " 

نحن نتعاطف مع من تورمت عيناه أو كسرت ساقه و لكن قليل منا
 من يتعاطف مع المكتئب أو القلق لأن المرض النفسي
 لا تراه العين و لا تدرك آثاره 
المريض وحده من يتلوى من الداخل ..


◨ العلاج النفسي :
العلاج بالكلمة و الحوار ، الإستماع و الفهم و الشرح و الدعم و المساندة و التعاطف 
و النصيحة و المشورة و إعادة تنظيم طريقة التفكير و إسلوب الحياة 
و التخطيط للمستقبل بعد مواجهة مشاكل الحاضر و التخلص من آثار الماضي .


  ◨ تنقسم الأمراض النفسية إلى مجموعتين :
1- مجموعة الأمراض النفسية ( العصاب ) . 
2- مجموعة الأمراض العقلية ( الذهان ) .

و العصاب ( Neurosis ) يشتمل على الأمراض الآتية :
1- القلق النفسي .
2- عصاب الوسواس القهري .
3- الهيستيريا .
4- استجابة المخاوف .
5- الإكتئاب التفاعلي .


أما الذهان ( Psychosis ) فهو إما ذهان عضوي أو وظيفي 
و الذهان العضوي معناه : أن الأعراض العقلية التي ظهرت على المريض سببها مرض عضوي مثل :
 الحمى المخية ، الصرع ، أورام المخ ، تصلب الشرايين ، 
اضطراب الغدد الصماء ، فشل الكبد أو الكلى ، نقص الفيتامينات أو الإصابات الدماغية .
أما الذهان الوظيفي فمعناه : أن هناك خللاً في وظيفة العقل
 دون وجود مرض عضوي ظاهر مثل :
 الفصام ، الإضطراب الوجداني ثنائي القطب .

   ◨ الفرق بين المريض النفسي و المريض العقلي :

المريض النفسي مثل أي شخص آخر مريض و يشكو من علة عضوية .
أي مريض آخر حين يتألم من مكان ما في جسده فإنه سيسارع فوراً 
و من تلقاء نفسه بعرض نفسه على الطبيب المختص لماذا ؟
لأنه أدرك أن هناك أمراً غير طبيعي يتعلق بصحته
أي أنه مستبصر بحالته غير الطبيعية بسبب المرض .
بالمثل فإن المريض النفسي يدرك أن هناك أمراً غير طبيعي يتعلق بصحته النفسية
 فمثلاً:
 أصبح يخاف دون سبب ، أصبح موسوساً في النظافة فيغسل يديه مئات المرات 
و لا يبدو على هذا الإنسان أي مظاهر غير طبيعية ، بل يمارس حياته
 بشكل أقرب إلى الطبيعي .

أما المريض العقلي لا يتصور إطلاقاً أنه مريض بالرغم من الخلل الواضح
 الذي أصاب تفكيره أو عواطفه أو سلوكه 
فمثلاً :
 تسيطر عليه فكرة أنه مراقب ، و أن هناك من يتتبعه في الطريق
أو أن هناك من يريد قتله ...
هو يؤمن تماماً بالفكرة التي تسيطر عليه و يعتقد فيها اعتقاداً راسخاً
أي يؤمن أنها واقع حقيقي ...
و قد يسمع أصواتاً لا مصدر لها و يؤمن بحقيقتها 
فغير الممكن بالنسبة لنا ممكن بالنسبه له ...
وغير الواقعي بالنسبة لنا واقعي بالنسبة له ...
وكأنه ينتمي إلى واقع غير الواقع الذي نعيش فيه ...
وكأنه ينتمي إلى عالم غير العالم الذي نعيش فيه ...
المريض العقلي قد انفصل عن الواقع ، انفصل عن انتمائه لكل القواعد
 التي ارتبط و التزم بها الناس الذين يعيشون معه .
و لكن المرض العقلي درجات و له صور متعددة و لكن الفرق بينه 
و بين المريض النفسي هو : 
الإنفصال عن الواقع 
لذا فهو لا يؤمن أنه مريض ؛ و لهذا يرفض العلاج ...

و الطب النفسي ليس فقط أمراض نفسية و عقلية و لكن هناك
 ما يسمى بإضطرابات الشخصية ( personality disorders )
و الشخصية المضطربة ليست مرضاً و لكنها تتمتع بصفات 
و سمات متطرفة تسبب عدم التكيف و الإحتكاك بالمجتمع .




 ◨  القلق النفسي :



القلق مرض عصابي ( نفسي ) شائع ...
و هو حالة مستمرة من العذاب أي الألم النفسي ...
حالة مستمرة لا تتوقف و غير مرتبطة بمواقف أو أحداث معينة .
فمريض القلق يقلق دون سبب ، فيتوقع شيئاً سيئاً لا يعرفه 
سريع النرفزة ، يفقد أعصابه بسهولة و يعاني من الأرق أي صعوبة في النوم ،
ثم تبدأ معاناة من نوع آخر و هي المعاناة الجسدية : أي الأعراض الفسيولوجية 
المصاحبة للقلق و السبب في حدوث هذه الأعراض هو
اضطراب في الجهاز العصبي اللاإرادي ( Autonomic Nervous System )
و الذي يتحكم في نشاط أجهزة كثيرة في الجسم مثل :
القلب ، المعدة ، الأمعاء ، الشرايين ، المثانة و الأعضاء التناسلية .

✸ مريض القلق إنسان خائف ، و قد يأخذ القلق صورة إحساس دائم و مسيطر
 بأن الموت وشيك و تعرف بإسم ( الخوف الحاد
و الذي يأتي في صورة نوبات حادة أي أنه يشعر بحالة مستمرة 
من القلق و التوتر و تداهمه حالات حادة يتضاعف فيها قلقه و تصيبه
 أعراض جسدية كسرعة نبضات القلب و التنفس ، العرق الغزير ،
 جفاف الحلق ، الشحوب ، ارتعاش الأطراف و عدم الإستقرار في مكان واحد ...
و هي حالة قريبة من الذعر و تعرف بإسم ( Ponic Attacks
في هذه الحالة يسيطر على المريض الخوف الشديد 
و يشعر أنه على وشك الموت أو الجنون ...
و في هذه الحالة يجب أن نهدئ المريض عن طريق حقنه في الوريد
 بمهدئ مثل ( الفاليوم ) و الأقراص المنومة لينام بعمق .
و الخوف في حالات القلق النفسي هو خوف عام غير محدد .

✸ قد يرتبط الخوف بشيء معين و في هذه الحالة لا تنتاب الإنسان حالة الخوف
 إلا إذا تعرض لهذا الشيء و يكون الخوف في هذه الحالة حاداً و شديداً 
و معوقاً و قد يتعرض لحاله تشبه الذعر إذا تعرض للشيء الذي حرك مخاوفه ...

◨ من أشهر المخاوف :
1- الخوف من المكان المتسع شارع أو ميدان مع توقعه من حدوث 
أعراض القلق الحاد و صعوبة الهرب أو أن هذا الهرب سيعرضه
 للإحراج الشديد ( رهاب الساح ).

2- الخوف من الأماكن المغلقة ، الضيقة ، المزدحمة مثل:
سيارة ، طائرة ، قطار ، مصعد ، محل مزدحم ....
و المشكلة هنا في إحساسه بعدم قدرته على الهروب من الموقف ،
مع إحساسه باحتمال مداهمة أعراض القلق الحاد كضربات القلب العنيفة
 و العرق و جفاف الحلق و انتفاض الجسم كله و صعوبة الكلام 
أو التلعثم و عدم القدرة على الإستقرار 
و عادة يتحاشى المريض التواجد في هذه الأماكن ...

3- الخوف من الناس ( الرهاب الإجتماعي Social Phobia 
الخوف من مواجهة الناس ، من الإلتقاء مع الأغراب ، الخوف من النقد و الحرج .
و هناك صور متعددة استجابة الخوف ( Phobia Reaction
و كلها تندرج تحت المخاوف البسيطة ( Simple Phobia
مثل : الخوف من الحيوانات ، الأمراض السرطانية ، الأمراض الجنسية المعدية ،
الخوف من طبيب الأسنان و الظلام ....
و يشترك جميع مرضى استجابة الخوف في السمات الآتية :
1- تحاشي الموقف الذي يثير مخاوفهم و يحركها أي الهرب منها .
2- في حالة الإضطرار للتعرض للموقف يشعر بالقلق الشديد .
3- المريض يعرف تماماً أن مخاوفه لا أساس لها و لكنه لا يستطيع مقاومة الخوف . 
4- أن حالة القلق التي يشعر بها إذا تعرض للموقف قد تتطور إلى حاله ذعر يصعب السيطرة عليها .

و لذلك يجب على المحيطين به عدم دفعه بالقوة إلى التعرض لهذه المواقف
 ظناً منهم أنهم بذلك يساعدونه على التخلص من مخاوفه 
و يجب على الأهل الإلتزام بالخطة العلاجية التي يضعها الطبيب . 

◨  و الآن ما العلاج ؟ 

كثير من الناس لديهم معلومات خاطئة جداً عن العقاقير التي تعالج القلق النفسي
 و التي تعرف بإسم  المطمئنات  أو المهدئات والإسم الصحيح لها
 مضادات القلق (Anxiolytic) أوالمطمئنات الصغرى ( Minor Tranquillizers )

و أهم تصور خاطئ هو أن هذه العقاقير تؤدي إلى الإدمان أو لا يمكن التخلي عنها مدى الحياة ..
 و هذه بالقطع تصورات خاطئة لا أساس لها من الصحة .

و الغريب أن بعض الناس يطلبون من المريض أن يكون شجاعاً و أن ينتصر على ألم النفس بدون عقاقير
 و ينسون أنفسهم أنهم يسرعون إلى مسكنات الألم إذا شعروا بالصداع أو آلام الأسنان أو مغص الأمعاء ...

بعض المرضى يحتاجون هذه العقاقير لمدة طويلة ، و لكن ليس بسبب طبيعة هذه العقاقير
 ولكن بسبب طبيعة المريض الذي يعرف حينئذٍ بأنه يعاني من قلق نفسي مزمن (Chronic Anxiety State )
 و هذه الحالات تحتاج إلى جرعات صغيرة من المطمئنات لمدة طويلة .

و يجب أن لا نستخدم هذه العقاقير إلا تحت إشراف الطبيب ، فهو الذي يقرر مدى احتياجنا لها حسب التشخيص 
 و يقرر النوع المناسب لنا و يقرر الجرعة المناسبة و مدة احتياجنا للعلاج ، و بعد ذلك يضع الطبيب جدولاً زمنياً
 لسحب العلاج تدريجياً حسب تحسن الحالة .

و على الطبيب أن يشرح للمريض بم يعالج و يشرح للأهل كذلك و يجب أن يطلعهم على خطته العلاجية بالدواء ...
يجب أن يعرفوا منه إسم الدواء و تركيبته الكميائية و كيف يعمل و الجرعة و مدة العلاج و طريقة سحب العلاج . 


و قبل أن يمسك الطبيب النفسي بالقلم ليصف العقار فإنه يمر مع نفسه بعدة مراحل :

1- أن المريض فعلاً يعاني من حالة قلق معذبة تسبب له ألماً نفسياً .
2- أن الوسائل الأخرى كالمساندة الأسرية و تغيير الظروف المحيطة
 و العلاج النفسي بواسطة الطبيب غير كافٍ و أنه لا مفر من استعمال العقاقير المضادة للقلق .
3- اختيار العقار الذي يناسب المريض : عمره ، حالته الصحية العامة 
،والجرعة يتم تحديدها بحيث لا تسبب له نعاساً
أثناء آدائه للعمل و لا تسبب له هدوءاً زائداً و استرخاء غير مطلوب .
4- يقرر الطبيب من البداية المدة المتوقعة لاستعمال العقار 
قد يبدا بجرعة صغيرة ثم يزيدها حسب احتياج الحالة ...
و لكنه بالتأكيد يضع الخطة لسحب العلاج تدريجياً .
5- أثناء العلاج بالعقاقير يضع الطبيب خطة متكاملة لمساعدة المريض
 بوسائل أخرى اجتماعية و نفسية
 عن طريق ما يسمى بالعلاج النفسي ( Psychotherapy ) .

 ◨ و الآن ماهذه المطمئنات الصغرى ؟
* مجموعة البنزوديازبيين ( Benzodiazepines ) و المثير للدهشة
 أنه توجد أماكن معينة في المخ لاستقبال البنزوديازبيين و تدعى ب
 ( Benzodiazepiens Receptores ).
و تأثير هذه العقاقير سريع حوالي 30 -60 دقيقة من ابتلاع الأقراص .
و يٌفَّضل أن تعطى كلها ليلاً ، و أحياناً تعطى جرعة صغيرة صباحاً 
بالإضافة إلى الجرعة المسائية .

و يجب على المريض ألا يزيد الجرعة المقررة له بغية الحصول 
على تاثير أقوى أو بغية الحصول على تأثير النوم السريع 
هذه العقاقير لا تستعمل كمنومات ، إذا وجدت صعوبة في النوم
 استشر الطبيب فقد يزيد الجرعة قليلاً أو قد يصف علاجاً 
مساعداً آخر يساعد على النوم ...
و يقوم الطبيب بتقييم الحالة إسبوعياً ليرقب مدى التحسن ..

◨ فوائد مجموعة البنزوديازبيين :

1- مضادة للقلق و ما يصاحب ذلك من تهدئة و استرخاء للعضلات .
2- منومة في الجرعات الكبيرة .
3- مضادة للصرع ( الفاليوم في الوريد ) .
4- مضادة للأعراض الناتجة عن التوقف عن الكحولات و الفينوباربيتون .


◨ أفراد مجموعة البنزوديازبيين :

1- ديازيبام ( Diazepam ) و يعرف تجارياً بإسم الفاليوم 
( Valium ) و يوجد في صورة أقراص و في صورة سائل 
و كذلك حقن و التي تعطى في الوريد ببطء شديد 
أو مع محلول الملح ...
2- اللبريوم ( Librium ) و يصنع في مصر تحت إسم :
* ليبران - 5 ( Libran - 5 ) .
* ليبرتان - 10 ( Libertan - 10 ) .
3- أتيفان ( Ativan ) سريع المفعول .
4- سيرباكس 15 ( Serepax -15 ) و هو أيضاً سريع التأثير 
و يبقى في الدم لمدة قصيرة ( 6 ساعات ) و لهذا فهو يستعمل 
بكثرة مع كبار السن و مرضى الكبد .
5- ليكسوتانيل ( Lexotanil ) .
6- فريزيم ( Frisium ) .
7- نوبريم ( Norbium ) .
8- و هناك مجموعة أخرى تستعمل كمنومات فقط مثل : 
موجادون ، نورميزون ، روهيبنول ، لوراميت أو نوكتاميد 
Magadon - Normison - Rohypnol - Loramet Or Noctamid 
9- و من أحدث أفراد مجموعة البنزوديازبيين دواء يعرف 
بإسم زانكس ( Xanax ). 
10- ترانكسين ( Tranxene ) و هو أيضاً من العقاقير سريعة 
التأثير و التي يزول تأثيرها بعد وقت محدود لاختفائها 
من الدم و تلك ميزة كبرى حيث لا يحدث تأثير تراكمي
 من جراء إعطاء جرعات متتابعة ...

و لنوضح الأمر ...
عقار الفاليوم و الذي يبقى في الدم لمدة 92 ساعة و لهذا تتراكم
الجرعات المتتابعة و لهذا فبعد اليوم الرابع أو الخامس 
من استعمال الفاليوم يشعر المريض بتهدئة زائدة ...
و هذه التهدئة الزائدة غير مطلوبة لأنها تجعل رد فعل المريض بطيئاً .

المطمئنات الصغرى تفيد في حالات الخوف و الوسواس القهر 
و تعالج أيضاً بمضادات الإكتئاب و خاصة البارنيت و البارستلين 
و نوبات القلق الحاد المتكرر يفيد معها عقار
 ( التوفرانيل ) بجرعات عالية ..





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ملخص رواية قواعد جارتين + دقات الشامو

الشخصية الإكتئابية

قصص الصورة للأطفال